ومن محفزات هذا التحول الإيجابي لمكانة المرأة ودورها في بناء الأسرة والمجتمع حديث الرسول الكريم الذي يقول فيه: (إنما النساء شقائق الرجال) وفي ذلك إشارة واضحة إلى مماثلة النساء للرجال في القدر والمكانة، وهي دعوة إلى تضامن الطرفين وتعاونهما على الخير والمصلحة دون تمييز أو عنصرية، وقد أثبت الرسول الكريم هذا التوجه الرفيع خلال حياته، فلم يقم صلى الله عليه وسلم بإيذاء أي امرأة من زوجاته أو نساء المسلمين والمشركين على السواء، بل على العكس من ذلك، كان رحيما بهن، عطوفا عليهن، مدافعا عنهن في السراء والضراء، فكان يعفوا عن أخطائهن، ويسامح زلاتهن، ويجد لهن الأعذار مرارا وتكرارا.
وعلى هذا النهج، كرم الإسلام المرأة في جميع ظروفها وأحوالها، فأوصى الأبناء بالبر بالوالدين خاصة الأم، ومن ذلك قول الرسول الكريم لرجل سأله عن أحق الناس بصحبته: ( أُمُّك، قال: ثم مَن ؟ قال: ثم أُمُّك، قال: ثم مَنْ ؟ قال: ثم أُمُّك، قال: ثم مَن ؟ قال: ثم أبوك)، وكرمها كزوجة فأوصى الزوجَ بحسن معاشرتها في قوله تعالى: ﴿...وعاشروهن بالمعروف﴾، وكرمها كطفلة بتحريمه لظاهرة وأد البنات التي كانت شائعة في الجاهلية بقوله تعالى (وإذا الموؤودة سُئلت بأي ذنب قُتلت)، كما كرمها كأرملة برفعه قدر من يرعى شؤونها بعد وفاة زوجها، ومن ذلك حديث النبي الكريم الذي يقول فيه: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار].
إن الحديث عن مكانة المرأة في الإسلام وقيمتها الرمزية والملموسة لا يتوقف عند الأمثلة التي ذكرناها فقط، بل يتعداها إلى مظاهر متعددة تختص بمختلف المجالات والقطاعات ولا يمكن حصرها في مقال أو مقالين، لذلك يضع موقع السبيل رهن إشارة قرائه الإعزاء ملفا كاملا وشاملا عن هذا الموضوع الحسَّاس، وذلك بتخصيص مقالات متنوعة يتحدث كل واحد منها عن جانب معين من الجوانب المرتبطة بمكانة المرأة في الإسلام وكل ما يتعلق بأمورها الدينية والدنيوية.